شهدت الأيام القليلة الماضية تراجعًا عالميًا في سوق العملات المشفرة بقيادة بيتكوين، حيث انخفض سعر الأصل إلى أدنى مستوى له عند 49,751 دولار في 5 أغسطس. وقد عزا الكثيرون هذا الانخفاض الكبير في بيتكوين إلى التراجع في الأسواق اليابانية.
المحفز في اليابان
في حديثه عن الانهيار، أوضح ناصر نيكولاس طالب، محلل المخاطر ومؤلف كتاب “البجعة السوداء” ومعروف بكراهيته لبيتكوين، أصول الاضطرابات الأخيرة في السوق التي امتدت لتشمل العملات المشفرة.
يوم الإثنين، تراجع سوق الأسهم الياباني بشدة، حيث انخفض بأكثر من 10%. وأفادت التقارير بأن هذا الانخفاض جاء “في ظل المخاطر الناجمة عن قوة الين، والسياسات النقدية المضيقة، والقلق من ركود اقتصادي في الولايات المتحدة”.
بدأت القصة مع السياسات الاقتصادية لليابان، حيث أنه بعد الحفاظ على معدلات فائدة صفرية لمدة غير مسبوقة تبلغ 33 عامًا، بالإضافة إلى ما يقرب من ربع قرن من التيسير الكمي، وجد بنك اليابان نفسه في وضع يتطلب تعديلات حتمية.
اتخذ بنك اليابان قرارًا مفاجئًا برفع أسعار الفائدة، مما أدى إلى تراجع حاد في مؤشر نيكاي 225، وهو مؤشر سوق رئيسي، مما أرسل صدمات عبر الأسواق العالمية، بما في ذلك قطاع العملات المشفرة.
وفقًا لطالب، كان هذا التحول الحاد في السياسات متوقعًا منذ فترة طويلة، حيث غالبًا ما تقترن القمع الصناعي لأسعار الفائدة وضخ السيولة المفرط بتكاليف باهظة على المدى البعيد.
النهج الياباني، الذي كان يُمدح غالبًا كنموذج ناجح للتيسير الكمي، يواجه الآن نقدًا شديدًا حيث يبدو أن تكلفة سنوات من التلاعب الاقتصادي قد حانت وقت سدادها. ولاحظ طالب بشكل خاص في منشوره على منصة إكس:
هل بيتكوين آمنة؟
وصل سعر بيتكوين إلى أدنى مستوى له منذ 7 أشهر خلال الانخفاض العالمي في السوق، حيث تراجع إلى ما دون 50,000 دولار. أثر هذا الانخفاض على سوق العملات المشفرة بشكل كبير، بحيث تجاوزت إجمالي عمليات التصفية مليار دولار.
نظرًا لهذا التأثير السلبي الكبير الناتج عن التراجع في السوق الياباني، قد يتساءل البعض عما إذا كانت بيتكوين لا تزال تعتبر آمنة، خاصة كمأوى آمن.
ومع ذلك، يجدر الإشارة إلى أن بيتكوين أثبتت فيما بعد أنها أصل رقمي يستحق النظر فيه كمأوى آمن في مثل هذه الأوقات. في مارس 2023، عندما كانت البنوك الكبرى في الولايات المتحدة تنهار، شهدت بيتكوين ارتفاعًا يصل إلى 29,000 دولار، وهو ارتفاع ملحوظ من أدنى مستوياته التي كانت دون 20,000 دولار في ذلك الشهر.
وعلاوة على ذلك، يجدر الإشارة إلى أن بيتكوين لم تكن الضحية الوحيدة لتأثير هذا الانهيار في السوق الياباني، حيث شهدت العديد من الأصول المشفرة الكبرى الأخرى، بما في ذلك إيثيريوم وسولانا، تراجعًا كبيرًا. على سبيل المثال، انخفض سعر إيثيريوم إلى 2,197 دولار، وهو مستوى منخفض لم يشهده منذ يناير من هذا العام؛ كما تأثرت سولانا بشدة، حيث انخفضت إلى 110 دولارات.
وبصرف النظر عن هذه العملات المشفرة الرئيسية، تعرضت الأصول التقليدية أيضا لحصتها من التأثير، حيث انخفضت قيمة أسهم نيفيديا، تسلا، وآبل بما لا يقل عن 4%.
يظهر هذا الانهيار الأخير أن بيتكوين لم تكن غير آمنة بالشكل الكافي؛ بل يكشف ارتباطها بالتغيرات في القطاع الاقتصادي العالمي.
