مراجعة شاملة لكتاب “التعاطف مع الذات” للدكتورة كريستين نيف – اكتشاف القوة الإيجابية للعطف على النفس
المقدمة
يعد كتاب “التعاطف مع الذات: القوة المثبتة للعطف على نفسك” للدكتورة كريستين نيف واحدًا من أهم الكتب التي تتناول موضوع العطف الذاتي وكيفية معاملة النفس بلطف وتفهم. يتناول الكتاب الأسباب التي تجعلنا نقسو على أنفسنا وكيف يمكن أن يؤثر هذا على حياتنا بشكل سلبي. كما يقدم خطوات عملية لتغيير هذه العادات وتبنّي موقف أكثر تعاطفًا مع الذات. يعتبر هذا الكتاب ملهمًا بشكل خاص في هذا العصر الذي يُعَزز فيه السعي الدائم لتحقيق الكمال، حيث يتعرض الكثير منا لضغوط نفسية كبيرة.
الدكتورة كريستين نيف هي أستاذة مشاركة في علم النفس التربوي بجامعة تكساس في أوستن، وتُعَتبر من الرواد في مجال البحث حول التعاطف الذاتي. لقد نشرت العديد من الأبحاث وكتبت كتبًا متعددة تركز على أهمية التعاطف مع الذات وكيف يمكنه تغيير حياة الأفراد للأفضل.
الدروس المستفادة والرؤى الرئيسية
الدرس الأول: اكتشف مصدر نقدك الذاتي من طفولتك
يلفت كتاب “التعاطف مع الذات” الانتباه إلى أن النقد الذاتي غالبًا ما يكون نتيجة تجارب مؤلمة في الطفولة. فمن خلال البحث العلمي والأدلة العملية، تشير الدكتورة نيف إلى أن الأشخاص الذين تعرضوا لنقد شديد من قبل والديهم في طفولتهم يكونون أكثر عرضة لنقد أنفسهم فيما بعد.
عندما نكون أطفالًا، نبحث عن حب وقبول والدينا. فإذا كانت توقعاتهم منا عالية ونقدهم لنا مستمر، فإن هذه الرسائل السلبية تتعمق في نفسنا وتتراكم على مر السنين. وعلى المدى الطويل، يمكن أن نشعر أننا غير جديرين بالحب والاعتراف، مما يجعلنا نميل إلى نقد أنفسنا بشكل مستمر.
الدرس الثاني: كيف تبدأ في ممارسة التعاطف الذاتي؟ افعل ذلك كما تفعل مع صديق
لتطبيق التعاطف الذاتي، تخيل كيف ستكون معاملتك لصديقك إذا كان في نفس الموقف. على سبيل المثال، إذا كنت تسير في الشارع برفقة صديقك في يوم شتوي وانزلق وسقط على الأرض، كيف ستستجيب؟ سوف تسأله إذا كان بخير وتساعده على النهوض وتطمئنه. بالمقابل، إذا انزلقت وسقطت أنت، فمن المحتمل أن تشعر بالخجل وتلوم نفسك على “غبائك”.
هذا هو الفرق بين كيفية معاملتنا للآخرين وكيفية معاملتنا لأنفسنا. ينبغي علينا أن نبدأ بطرح أسئلة على أنفسنا لنعبر عن الألم الذي نشعر به بدلاً من التفكير في أسباب الخطأ. يمكن أن يكون العناق أو الحرص على أنفسنا هو ما نحتاجه لنشعر بالتحسن، حتى لو بدا ذلك غريبًا في البداية.
الدرس الثالث: الجمع بين الوعي الذاتي والقدرة على إنشاء مسافة نفسية بينك وبين آلامك
الوعي الذاتي وإنشاء مسافة نفسية بينك وبين آلامك هما أداتان قويتان للتعاطف مع الذات. عند بدء ممارسة التعاطف مع الذات، قد تشعر أن الأمر صعب بعض الشيء. هناك سببين رئيسيين لذلك: الأول، أن الثقافة الغربية تشجع على الاعتماد على الذات وتحمل المحن دون شكوى. الثاني، أنك عندما تبدأ في تعزية نفسك، فأنت تتحمل دورين في نفس الوقت، وهو ما يبدو غريبًا وصعبًا.
لذلك، يُشير الكتاب إلى ضرورة إنشاء مسافة نفسية بينك وبين الألم الذي تشعر به. إذا فكرت في صديقك الذي انزلق وسقط، فأنت لست الشخص الذي يشعر بألمه، لكنك لا تزال تتعاطف معه. هذه هي الفكرة من إنشاء مسافة نفسية بينك وبين الألم الذي تشعر به. فهذا يمكن أن يساعدك على قبول الواقع دون أن تتأثر بشدة، ويتيح لك رؤية أن الحياة تحتوي على أكثر من مجرد الألم.
الفئة المستهدفة
كتاب “التعاطف مع الذات” موجه لكل من يشعر بأنه بحاجة إلى المزيد من اللطف والتفهم تجاه نفسه. يمكن أن يستفيد منه:
- الذين عانوا من تجارب مؤلمة في طفولتهم ولم يتجاوزوا تلك التجارب تمامًا.
- الأشخاص الذين يعانون من الشعور المستمر بعدم الرضا عن أنفسهم ويطمحون لتحقيق الكمال طوال الوقت.
- كل من يشعر بحاجة إلى السلام الداخلي ويرغب في تعلم كيفية حب نفسه بشكل صحي وإيجابي.
الخلاصة
يقدم كتاب “التعاطف مع الذات” للدكتورة كريستين نيف نظرة عميقة وملهمة على كيفية معاملة النفس بلطف وتفهم. من خلال استعراض تجارب وآراء علم النفس والبحث العلمي، يقدم الكتاب خطوات عملية لتعزيز التعاطف الذاتي وتحقيق التوازن النفسي. بعد قراءة هذا الكتاب، ستتمكن من فهم السبب الذي يجعلك تقسو على نفسك وتبدأ بتغيير هذه العادات بفضل استراتيجيات واضحة وعملية.
بدون شك، “التعاطف مع الذات” هو كتاب يستحق القراءة لجميع الذين يسعون إلى تحسين علاقتهم مع أنفسهم والوصول إلى مستوى أعلى من السلام الداخلي والسعادة.