مراجعة شاملة لكتاب “الأساسية” لجريج ماكيون – فن التركيز على الأمور الجوهرية
المقدمة
يقدم كتاب “الأساسية” لجريج ماكيون رؤية جديدة ومحسنة لمفهوم الإنتاجية، حيث يسمح لك بأن تكون انتقائياً بشدة تجاه ما هو ضروري حقاً في حياتك، ثم تتخلص بكل قسوة من كل ما هو غير ضروري. نُشر الكتاب لأول مرة في أوائل عام 2014 واستحوذ على اهتمام الملايين من القراء حول العالم، ليصبح من أكثر الكتب مبيعاً. تتذكر كيف قال ستيف جوبز إن التركيز يتعلق بقول “لا”؟ هذا الكتاب يُعلمك كيفية تطبيق هذا المفهوم على حياتك بأكملها.
جريج ماكيون، مؤلف مشهور ومختص في مجال القيادة والتنمية الشخصية، يكشف في هذا الكتاب عن مجموعة من المبادئ التي يمكنك من خلالها تحديد ما هو غير مهم في حياتك والتخلص منه. وهو كتاب مليء بالأمثلة العملية والمشورة مما يجعله دليلاً لا يقدر بثمن لكل من يسعى للحصول على المزيد من حياته عن طريق القيام بأقل.
الدروس المستفادة والرؤى الرئيسية
الدرس الأول: عدم القيام بأي شيء والقيام بكل شيء هما علامتان على العجز المكتسب
إذا كنت لا تفعل شيئاً، فهذا يعني بالطبع أنك لا تنجز الأمور الهامة. ومع ذلك، ينطبق نفس الشيء على من يحاول القيام بكل شيء في وقت واحد. كلا المنهجين مضرين لأنهما نتيجة للعجز المكتسب. هذه الظاهرة تم رصدها لأول مرة من قبل مارتن سيليجمان، باحث السعادة ومؤلف كتاب “التفاؤل المكتسب”، حيث لاحظها في تجربة على الكلاب.
خلال التجربة، عُرضت على الكلاب صدمات كهربائية وكان لدى بعضها رافعة توقف الصدمات لها، ولكن لم يكن لدى المجموعة الأخرى نفس الرافعة. فيما بعد، وُضعت الكلاب في صندوق كبير يحتوي على حاجز منخفض بين منطقة الصدمات ومنطقة خالية من الصدمات. الكلاب التي كانت لديها رافعة توقف الصدمات قفزت إلى المنطقة الآمنة على الفور، بينما تلك التي لم تستطع التحكم في الصدمات استسلمت ببساطة ولم تحاول الفرار.
بالمثل، عندما تجد نفسك تستسلم لأجندات الآخرين وتقول “يجب أن أفعل كذا وكذا” فهذا يعني أنك قد سلمت قراراتك للآخرين. هنا يأتي دور “الأساسية” لتعليمك كيفية تحويل “يجب أن أفعل” إلى “أختار أن أفعل”.
الدرس الثاني: كن محرراً لحياتك باستخدام قاعدة 90%
جاك دورسي، المؤسس المشارك لشركة تويتر، وصف دوره كرئيس تنفيذي بأنه يشبه دور المحرر. فكونه محرراً يعني إضافة ما يلزم، لكن غالباً ما يعني إزالة ما لا يضيف. يعلمك كتاب “الأساسية” أن تكون محرراً لحياتك الخاصة، ويقدم لك قاعدة 90% للقيام بذلك.
لكل عنصر أو قرار تفكر فيه، انظر فقط إلى أهم معيار وقيمه بدرجة بين 0 و100. كل ما يقل عن 90 يعتبر دون القيمة ويجب التخلص منه. عندما تقوم بترتيب خزانتك، على سبيل المثال، قم بحساب احتمال ارتداء قطعة من الملابس مرة أخرى – إذا كانت النسبة أقل من 90%، لماذا تبقيها؟ بنفس الطريقة، عندما تنظر إلى قائمة المهام الخاصة بك، اسأل نفسك: “ما مدى احتمال أن يساعدني هذا في تحقيق هدفي الأكثر أهمية؟”
هذه الطريقة شبيهة بنصيحة ستيف جوبز حول التركيز ونهج ديريك سيفرز الذي يقول “إما نعم بكل حماس أو لا”. سيساعدك هذا النمط في قول “لا” بشكل أكبر، ليبقى في حياتك فقط الأمور التي تضيف قيمة حقيقية.
الدرس الثالث: دائماً أضف 50% كوقت احتياطي لكل مهمة
أجمل ما في الاعتذار وقول “لا” هو الشعور بوجود وقت كافٍ للقيام بما وافقت عليه. ومع ذلك، تركيزك على عدد قليل من الأشياء لا يعني أنك ستكون بلا عمل. يجب عليك التخطيط لجميع هذه الأشياء. فعلى سبيل المثال، حتى لو اخترت 3 مهام فقط ليومك، فمن السهل أن تأخذ هذه المهام وقتاً أطول مما كنت تتوقع.
واحدة من أخطائنا الرئيسية كالبشر هي اعتقادنا بأننا نستطيع تحديد مقدار ما يمكننا إنجازه في يوم واحد وأن كل شيء سيسير حسب المخطط. لهذا السبب يقترح ماكيون دائماً إضافة 50% من الوقت الذي تظن أنه ستستغرقه المهمة كوقت احتياطي، وذلك لمواجهة الأمور غير المتوقعة.
إذا كنت تعتقد أن كتابة مقالة ما ستستغرق ساعة واحدة، فخطط لها 1.5 ساعة في جدولك. إذا كنت تتوقع أن يستغرق مكالمة على سكايب 30 دقيقة، فخطط لها 45 دقيقة. هذا الاحتياطي سيتيح لك مجالاً للتنفس ويساعدك على عدم الشعور بالضغط عندما تأخذ الأمور وقتاً أطول من المتوقع. ولكن بالنسبة للشخص الذي يتبع نهج الأساسية، هذا أمر مقبول؛ لأنه يعرف أن تخصيص وقت إضافي للأمور غير المخطط لها هو الطريقة الأساسية لجعل الوقت لما هو، حسناً، ضروري حقاً.
الفئة المستهدفة
هذا الكتاب مناسب لكل من يشعر بأنه غارق في الأعمال والمهام ولا يستطيع التركيز على ما هو مهم حقاً. سواء كنت شاباً في العشرينات تحاول تحقيق العديد من الأهداف في وقت واحد وتشعر بأنك تلاحق المهام بدون نهاية، أو كنت محترفاً شاباً في الثلاثينات تحتفظ بملابس قديمة في خزانة ملابسك لأنك قد ترتديها يوماً ما، أو كنت ممن يخطئون في تقدير الوقت الذي تستغرقه الأمور. تلقيك لرسالة “الأساسية” يمكن أن يكون نقطة تحول في حياتك.
الخلاصة
يمثل كتاب “الأساسية” نقطة تحول حقيقية في فهمنا للإنتاجية والتركيز. فإذا كنت ترغب في تحقيق المزيد من حياتك عن طريق القيام بأقل، فإن هذا الكتاب هو دليل لا غنى عنه. هو يعلمك كيفية تحديد ما هو ضروري حقاً وما هو ليس كذلك، وكيفية التخلص من الأمور الغير ضرورية بطريقة فعالة ودائمة. محتوى الكتاب مليء بالأمثلة العملية والاستراتيجيات القابلة للتنفيذ.
في المجمل، “الأساسية” هو كتاب ممتاز يمكن أن يغيّر تماماً الطريقة التي تعيش بها حياتك وتتعامل بها مع مهامك. فإذا كنت ترغب في تحسين حياتك والتركيز على ما يهم حقاً، فأنصحك بشدة بقراءته. هو استثمار قيم في نفسك وفي وقتك.
